الآلات الحربية

الآلات الحربية

                           

إعتمدت الشعوب البدائية في حياتها العملية للصيد والدفاع عن النفس من الوحوش الضارية، على الآلات البسيطة

التي صنعتها من أغصان الأشجار والحجارة المتواجدة في الطبيعة . فكان لديها القوس والنشاب والرمح وغيرها. لكن

مع تطور الحياة وتقدم الزمن ما لبثت تلك الآلات ان تطورت في الشكل والحجم والبعد حتى اصبحت السلاح الأهم

في المواجهات بين القبائل وغدا الرامي يتباهى في الوصول إلى أهدافه المركزة والبعيدة المدى كما أصبح يفخر

بدرايته الواسعة في استعمال السلاح وتطويره. ومع بدء الفتوحات العربية لنشر الدعوة الإسلامية كان لا بد من

اللجوء إلى اسلحة تنافس أسلحة العدو المهاجم فتطورت بذلك صناعة الدروع والسيوف حيث أجادوا في نوعيتها

 وزخرفتها وتركوا مخطوطات هامة في صناعتها.

لكن تلك الأسلحة لم تف بالغرض  المطلوب للغزوات البحرية فكان لا بد من تطوير السلاح البحري وذلك في بناء

السفن والأساطيل الضخمة وتزويدها بالعتاد والسلاح. واجتهد العرب أيضاً في  تطويرالأسلحة الثقيلة كالدبابات ذات

الأبراج لثقب الحصون وتسلق الأسوار، العرادات لقذف النفط والحجارة والكباش لهدم الجدران، أبراج الحصار

لحماية المقاتلين، المجانيق لقذف الحجار وقدور النفط والزرنيخ. كما صنعوا المدافع التي استعملوها في غزواتهم.

المنجنيق:

بشكل عام هو عبارة عن عدد من القوائم الخشبية المتصلة في أعلاها بعارضة، وعلى هذه العارضة يُركب عمود

خشبي طويل له "سهم" ويكون قصيراً من جهة وطويلاً من جهة أخرى(نسبة ربع إلى ثلاثة أرباع أو خمس إلى

أربعة أخماس). يحمٍل هدذا السهم من جهته القصيرة ثقلاً معاكساً يسمى"الصندوق" إذا كان كتلة واحدة، "والقواعد"

إذا كان جملة أثقال. كما يحمِل من جهته "الكفة" التي تحمل المقذوف سواءً كان هذا الأخير حجراً أو برميل نفط أو

غير ذلك. يتصل السهم من الجهة الطويلة بحبل من الشعر يسمى "الزيار" يمكن شده (تزييره) بواسطة دولاب كان

يطلق عليه اسم (القوس) لأنه كان يتصل بقوس يزيد انحناؤه كلما دار الدولاب في حالة الشد.

          المجانيق

 

إذا أردنا الرمي بالمنجنيق نقوم بشد السهم وتزييره مما يسبب رفع الجانب القصير من السهم والثقل المعاكس الذي

يحمله إلى أعلى، وعند ذلك يكفي تحرير السهم من تأثير الزيار بالطَرق على مفتاح أو(رزة) طرقاً خفيفاً، فيقوم

الثقل المعاكس بالهبوط نحو الأسفل مما يرفع الجهة الأخرى التي تحوي الكفة نحو الأعلى بقوة، وهدا ما يسبب

اندفاع المقذوف بنفس اتجاه الثقل المعاكس ولمسافة قد تصل إلى اربعمائة متر تقريباً.

هناك عدة أنواع من المجانيق

نذكر منها: مجانيق قذف الحجارة, مجانيق قذف القنابل، مجانيق قذف النفط وكرات النار، مجانيق قدف الأفاعي

والعقارب وغيرها

المدافع والمكاحل

ذكرت المراجع العربية منها والأجنبية بأن العرب استخدموا المدافع والمكاحل وآلات النفط في حروبهم . لقد صرح

المؤرخ البريطاني بالميرفي إحدى مؤلفاته بما يلي: أن المدافع استخدمت في القتال بين قبيلتي البولا

والصايجاوا في شمال نيجيريا عام 1196 م .

كما ذكرت المؤرخة البريطانية الليدي لوجارد أن العرب استخدموا المدفعية في حصار مدينة طفيلة في شمال إفريقيا

عام 1274م. و ذكرت أيضاً بأنه وفي أواخر  القرن الرابع عشر كان في صحبة برنو،أثناء زيارته لمنطقة كانو

(شمال نيجيريا)  طائفة من الجند يحملون البنادق الثقيلة .

إن أقدم تاريخ لاستخدام السلاح الناري هو عام 743هجري/1342م يمدنا به صالح بن يحي (المتوفي عام

840هجري/1436م) حيث يفيد بانه حينما حاصر المنافسون السلطان شهاب الدين أحمد في حصن الكرك، ركَّب

رجال الحامية على اسوار الحصن خمسة مجانيق ومدافع كثيرة. ويقابلنا أيضاً النص التالي للمؤرخ أياس في أحداث

753 للهجرة/1352م هكذا: "ثم أن نائب قلعة دمشق (وهو نائب دمشق) في عهد الملك الصالح صلاح الدين صالح

بن الملك الناصر محمد بن منصور قلاوون حصَّن القلعة تحصيناً عظيماً وركَّب عليها المكاحل والمدافع".

ولا بد من تسجيل ما كتبه العلامة أحمد أبو العباس القلقشندي في كتابه صبح الأعشى حيث قال: في حديثه عن

مكاحل البارود:" ومنها مكاحل البارود وهي المدافع التي يرمى عنها بالنفط وحالها مختلف، فبعضها يرمى عنه 

باسهم عظام تكاد تخرق الحجر وبعضها يرمى عنه ببندق  من حديد زنته عشرة أرطال بالمصري إلى ما يزيد على

ماية رطل. وقدرأيت  في الاسكندرية في الدولة الأشرفية - الأشرف شعبان بن حسين، في نيابة الأمير صلاح الدين

بن عرام رحمه الله -مدفعاً قد صنع من نحاس ورصاص وقيد بأطراف الحديد، رمى عنه في الميدان ببندقة من حديد

عظيمة محماة، فوقعت في بحر السلسلة خارج باب البحر وهي مسافة بعيدة". والمعروف أن أبن عرام كان نائب

الاسكندرية زمن الساطان شعبان في عام 767هجري/1365م

وهناك أيضاً نصوص كثيرة عنت بتحديد تاريخ بدء استخدام المدافع والمكاحل نعيد القارئ إلى مقال الدكتور عبد

الرحمن زكي "الأسلحة النارية والمدفعية في سوريا ومصر أثناء القرون الوسطى"1 من كل تلك النصوص نستطيع

ان نستخلص بأن المدافع والمكاحل استعملت في منتصف القرن الرابع عشر دون أن نتأكد من مخترعها الأول .

             

المدفع الضخم الذي استخدمه محمد الفاتح  عند فتح القسطنطينية والمدفع اليوم محفوظ في برج لندن 

 

 

هذا وكان المدفع الضخم من مدافع الحصار يطلق قنبلة من الحجر قطرها حوالي ثلاثين بوصة ووزنها يتراوح ما

بين الف ومائتا رطل إلى الف وثمانمائة رطل،فكان كل مدفع يحتاج لجره ستين ثوراً ومئتي رجل من الأشداء

يسيرون موازين للمدفع وذلك للمحافظة عليه من السقوط. ويسبقهم مائتا رجل لتمهيد الطريق ودعمها. وكان لدى

السلطان محمد مجموعة من المدافع تشتمل على ثلاثة عشرر مدفعاً ضخماً وست وحمسين من القطع الصغرى تلك

المدفعية كانت من أهم عناصر النصر الذي حققه السلطان الفاتح في دك أسوار القسطنطينية أثناء الحصار المنيع .


1- زكي عبد الرحمن- الأسلحة النارية والمدفعية في سوريا ومصر أثناء العصور الوسطى- مجلة عاديات

حلب الكتاب الرابع والخامس 1978-1979- معهد التراث العلمي العربي-