القرن السابع الهجري

لقد برز في هذا القرن كل من بديع الزمان إبن الرزاز الجزري ، رضوان الساعاتي ، فخر الدين الرازي والطوسي.

بديع الزمان الجزري

هو بديع الزمان أبو العز بن اسماعيل بن الرزاز الجزري(عاش في أواخرالقرن السادس للهجرة ومطلع القرن السابع/ الثاني عشر والثالث عشر م) . كني بالجزري لانه كان من أبناء الجزيرة الواقعة بين دجلة والفرات .

لم يستطع المؤرخون تحديد تاريخ مولده  لكنهم أجمعوا على أنه توفي في عام 1206 في  فترة حكم الملك ناصر الدين محمود بن محمد ملك ديار بكر (حكم 597-619هجري/1200-1222م)

في مقدمة كتابه "العلم والعمل النافع في صناعة الحيل "  اعطى الجزري بعض التفاصيل عن حياته حيث  قال:"...وعند اتصالي بخدمة الملك الصالح أبي الفتح محمود بن  محمد بن قرا ارسلان ملك ديار بكر من آل أرتق أبقاه الله وذلك على أثر حدمة أبيه وأخيه مدة خمس وعشرين سنة أولها 570 إلى أن افضى الأمر إليه وبينما أنا ذات يوم لديه وقد عرضت عليه شيئاً مما صنعته عليه وهو ينظر إلي ثم ينظر ويفكر فيما كنت هممت به ولا أشعر فرمى حيث كنت رميت  وكشف باصابته عما أخفيت فقال لقد صنعت أشكالاً عديمة المثل وأخرجتها من القوة إلى الفعل فلا تضع ما اعبت به وشيدت مبانيه، واحب أن تصنف كتاباً ينظم وصف ما استبددت بتمثيله وانفردت برصف تصويره وتشكيله. فبذلت من قوتي حسب الاستطاعة إذ لم أجد محيداً عن الطاعة وألفث هذا الكتاب ..."

نعلم من مخطوط اكسفورد أن الجزري اكمل رسالته في الرابع من جمادي الآخرة عام 602 الموافق السادس عشر من يناير – كانون الثاني عام 1206م. ومن نسخة توبكابي رقم 3472 ان الناسخ الحصكفي أنهى نسخ المخطوطة في نهاية شهر شعبان عام 602 ( حوالي 10 نيسان-إبريل 1206م) أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من إنجاز الجزري للكتاب .ويستمطر الحفصكي الرحمة على الجزري ، مما قد يوحي بأنه ربما توفي في الفترة الواقعة بين جمادي الآخرة وشعبان عام 602 هجري (أي بين كانون الثاني ونيسان عام 1206 م)

 كما يمكن ان نستنتج من مقدمة كتابه  بانه خلال الفترة التي التحق بها الجزري بآل سكمان بن أرتق كانت المنطقة تمر بمرحلة آمنة لأن الملوك الذين عاش في كنفهم كانوا اتباعا لصلاح الدين وللأسرة الأيوبية لذلك تمكن الجزري من تأليف كتابه في جو من الهدؤ والإستقرار.

لقد اهتم بهذا الكتاب عدداً هاماُ من مؤرخي العلوم وأشادوا بمحتواه .

يقول سارتون :" هذا الكتاب أكثر الأعمال تفصيلا من نوعه ويمكن اعتباره الذروة في هذا المجال بين الإنجازات الإسلامية"

ويقول  دونالد هيل الذي ترجم الكتاب إلى الإنكليزية في عام 1974والذي نال على اثر تلك الترجمة جائزة دكستر الدولية:"لم تكن بين أيدينا حتى العصور الحديثة أية وثيقة من أية خضارة أخرى في العالم ، فيها ما يضاهي ما في كتاب الجزري من غنى في التصميم وفي الشروحات الهندسية المتعلقة بطرق الصنع وتجميع الآلات".

كما اهتم بكتاب الجزري كل من فيدمان وهاوسر وذلك بنشر مجموعة من المقالات حول الكتاب ومحتوياته

ولفت النظر إلى هذا الكتاب وفي وقت مبكر كل من الدو ميللي وكارادي فو وعدد آخر من المؤرخين.

والعمل الآخر الهام عن الجزري فهو ما نشره كوماراسومي. وقد كتب هذا الباحث من وجهة نظر مؤرخ الفن ونشر معلومات عن الرسومات المنتزعة من مخطوط آيا صوفيا رقم 3606

أمّا فضله على العلم فقد اعترف العالم لين وايت أن الكثير من تصاميم الآلات التي ابتكرها الجزري قد نقلت إلي أوروبا، وإن التروس القطعية ظهرت لأول مرة في مؤلفات الجزري، وأنها لم تظهر في أوروبا إلا بعد الجزري بقرنين في ساعة  جيوفاني ديودوندي الفلكية، كما كان الجزري أول من تحدث عن ذراع المرفق . كما ساهم الجزري في إبتكار آلات رفع المياه، وفي استخدام الكرات المعدنية  للإشارة إلي الوقت في الساعات المائية.

كان الجزري مهندسا وصانعا ماهرا مميزا . تألق تميزه في كتابه وذلك  بتنوع موضوعاته بالإضافة إلى التفاصيل الدقيقة التي وردت في وصف الآلات مما يدل على مهارة تقنية عالية هذا عدا عن الرسومات المميزة والموضحة لكل جزء من أجزاء الآلة الموصوفة أضف إلى ذلك كله الألوان البديعة والمتناسقة التي اضفت على المخطوط  جمالا مميزا.

 
فخر الدين الرازي (543-606 هجري/1148-1209 م)

 هو الإمام فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين القرشي بن الحسن بن علي التميمي البكري

الرازي. ولد في الري وتعلم على والده العلوم اللغوية والدينية. لقد أتقن الرازي اللغة الفارسية إضافة إلى اللغة

العربية وله شعر باللغتين. تنقل فخر الدين الرازي في بلدان عدة طلبا  للعلم فزار مراغة (العاصمة القديمة

لأزربيجان التابعة لإيران) وبلاد خوارزم وما وراء النهر وهراة (بلد يقع غرب كابل عاصمة أفغانستان)التي استقر

فيها لآخر حياته ودفن فيها. ويذكر ابن أبي أصيبعة عن لسانه ما قوله:"...إنني حصلت من العلوم ما يمكن تحصيله

بحسب الطاقة البشرية".

 لم يكتف فخر الدين الرازي بالعلوم اللغوية بل بحث في الفلسفة والمنطق واجتهد في الطب وعلم الهيئة وألف في

علم الطبيعة والطبيعيات .

من أهم كتبه في الفيزياء كتاب "المباخث المشرقية " وفي الطبيعيات "كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا"


  نصير الدين الطوسي (597-672 هجري/1201-1274 م )

أبو جعفر محمد بن محمد الحسن الملقب بنصير الدين الطوسي. ولد في طوس قرب نيسابور وتتلمذ في مراحل

دراسته الأولى على أبيه محمد الحسن ثم درس الرياضيات على كمال الدين محمد المعروف بالحاسب. انتقل بعدها

إلى نيسابور طلبا للعلم حيث حضر حلقة كل من سراج الضري وأبو السعادات الأصفهاني وغيرهم من العلماء. كما

درس على كمال الدين بن يونس الموصلي.

توقف عن الدراسة وعاد إلى طوس بعد ان دخل المغول بقيادة جنكيز خان إلى نيسابور. اعتزل في طوس وعكف

على دراسة من سبقوه خاصة مؤلفات الشيخ الرئيس ابن سينا فذاع صيته ووشي به إلى حاكم قهستان حيث سجن

بأحد قلاعها فعاد مجددا للدراسة والتعمق في المؤلفات وبدأ بالنقد والتعليق.

عندما استولى هولاكو على السلطة في  بغداد أخرج الطوسي من السجن وقربه إليه. لعب نصير الدين الطوسي

دورا ثقافيا هاما ومميزا في أسلمة المغول وفي تعميق الثقافة الإسلامية في المجتمع.

ترك الطوسي مصنفات كثيرة في معظم علوم عصره . إضافة إلى شروح ونقد كتب اليونان فقد ألف في علم احساب

والهندسة والجبر والمثلثات والفيزياء وغيرها.

    من مؤلفاته:

 - تحرير الكلام

 - كتاب الشكل القاطع

 - التذكرة

 - كتاب تحرير المناظر (في البصريات)

 - شرح الطوسي لكتاب "الإشارات والتنبيهات" لابن سينا