فهرس المقال

 

القانون الثاني للحركة

  ينص هذا القانون على ما يلي: " ان القوة اللازمة للحركة تتناسب مع كل من كتلة الجسم المتحرك تسارعه،

وبالتالي فإنها تقاس بحاصل ضرب الكتلة في التسارع بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوة وعلى خط ميلها."

 أما كمية الحركة فتقاس من حاصل ضرب الكتلة في سرعة الجسم وتكون القوة من الناحية العددية مساوية لمعدل

تغيير كمية الحركة بالنسبة للزمن، أو بتعبير آخر كميةالحركة المولدة في وحدة الزمن.

 بناء على ذلك يمكن وضع القانون الثاني للحركة في صورة عامة، فنقول : إن معدل تغيير كمية الحركة بالنسبة

للزمن يتناسب  تناسبا طرديا مع القوة المسلطة على الجسم المتحرك ويكون في نفس التجاخ الذي تؤثر قيه هذه القوة

جهد العرب في القانون الثاني للحركة

  يقول ابن سينا في هذا المجال: "القوة في الجسم الأكبر ، إذا كانت مشابهة للقوة في الجسم الأصغر ، حتى لو فصل

من الأكبر مثل الأصغر، تشابهت القوتان بالاطلاق، فإنها في الجسم الأكبر أقوى وأكثر إذ فيها من القوة شبيهة تلك

وزيادة." وفي صفحات أخرى من كتابه "الشفاء " يقول ابن سينا: "ولو كان السبب في قبول المرمى الأنفذ هو الكبر

وزيادة الثقل، لكان كلما ازداد ثقلاً وكبراً كان أقبل للمرمى،والأمر بخلاف ذلك ، بل لو اعتبر الثقل والخفة ، ولم

تعتبر أسباب أخرى كان الأقل مقدارا أقبل للحركة وأسرع حركة..."

  تعليق الدكتور جلال شوقي: 

"فالقوة في الجسم الأكبر- على حد قول ابن سينا – بمشابهتها لتلك التي في الجسم الأصغر، تكون القوة الطبيعية

منها متناسبة مع كبر الجسم، أى أنها تزيد بكبرهــــــــن وهذا صحيح تماما لأننا نعلم اليوم أن :

 قوة التثاقل ( أو قوة الجاذبية الأرضية) = كتلة الجسم X تسارع الجاذبية الأرضية

 من المعروف أن تسارع الجاذبية الأرضية ذو مقدار ثابت في المكان الواحد، وبالتالي فإن قوة التثاقل تزيد بزيادة

كتلة الجسم وهو المعنى الذي أصابه ابن سينا بتناسب القوى الطبيعية تناسباًطردياً مع كبر الجسم.

 ولما كانت قوة الاحتكاك تتناسب أيضا مع ثقل الجسم فغن للقوة المقاومة للحركة ، والناشئة عن احتكاك الجسم

بالسطح الذي يستقر عليه ، تزداد بزيادة ثقل الجسم ، وبالتالي فإن تحريك الجسم الأثقل يصبح أصعب من تحريك

الجسم الأقل وزنا، وهذا تماما ما قاله ابن سينا. "

 

وللإمام فخر الدين الرازي رأى واضح بازدياد القوة الطبيعية مع عظم الجسم حيث يقول في شرحه لكتاب 

"الإشارات والتنبيات" لابن سينا:

 الأجسام كلما كانت أعظم، كان ميلها إلى إحيازه االطبيعية أقوى، وكلما كان كذلك ، كان قبولها للميل القسري

أضعف، لما بينا أن الميل الطبيعي عائق عن القسرة ". والشئ كلما كان العائق عنه أقوى، كان وجوده أضعف "وفي

كتابه " المباحث المشرقية " يقول الرازي شارحا قبول الجسمين العظيم والصغير للحركة عن القوة الطبيعية: "

 " ... فإذا الجسمان لو اختلفا في قبول الحركة ، لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك، بل بسبب اختلاف حال القوة

المحركة، فإن القوة في الجسم الأكبر أكثر مما في الأصغر الذي هو جزؤه، لأن ما في الأصغر موجود في الأكبر

مع زيادة.

 وأما القوة القسرية فإنه يختلف تخريكها للجسم العظيم والصغير، لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك

فإن المعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير."

ويؤكد نصير الدين الطوسي هذه المعاني ، في كتابه "شرح الإشارات والتنبيهات " حيث يقول :

 "...فإذا حرك الجسم بقوته جسما آخر من مبدأ مفروض، حركات لا نهاية لها ، بخسب الامتداد الزماني ، أو بحسب

العدة في القوة ، فإن غير المتناهي لا يخرج إلى الفعل.

  ثم إذا فرضنا أن ذلك الجسم المحرك ، يحرك جسما آخر شبيها بالجسم الأول في الطبيعة، وأصغر منه في

المقدار،  بتلك القوة عينها، في ذلك المبدأ المفروض، فيجب  أن يحرك الثاني أكثر من الأول .

 وذلك لأن المقسور إنما يعاوق القاسر بحسب طبيعته المخالفة لطبيعة القاسر، من حيث هو قاسر.

 ولا شك أن طبيعة الجسم الأعظم، تكون أقوى من طبيعة الجسم الأصغر، لاشتمال الأعظم على مثل طبيعة الأصغر

 وعلى ما يزيد عليه. ويلزم منه أن تكون  معاوقة الأعظم أكثر من معاوقة الأصغر.فإذن يكون تحريك الأصغر أكثر

من تحريك الأعظم."

 ويقول هبة الله ابن ملكا في ازدياد السرعة باشتداد القوة في كتابه "المعتبر في الحكمة" :

 وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدية تحرك أسرع وفي زمان أقصر، فكلما اشتدةالقوة إزدادت السرعة،

فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة"،وفي ذلك أن تصير الحركة في غير زمان وأشد، لأن سلب

الزمان في السرعة نهاية في الشدة."

تعليق الدكتور جلال شوقي:

 " قد تكون هذه العبارة من أقرب ما توصل إليه العرب منمعاني القانون الثاني للحركة وهو القانون

 القائل بمساواة القوة لحاصل ضرب الكتلة في التسارع.

 فعن تناسب القوة مع الكتلة وردت نصوص كثيرة وأما قول ابن ملكا بأن سلب الزمان في السرعة

 ( وقد عنى بذلك قطع مسافة في مدة زمنية) نهاية ما للشدة(ويقصد شدة القوة) ، فيبدو أن فيهاإشارة إلى تناسب القوة

مع تغييرالسرعة بالزمن ، وهذا معنى قريب جدا من معنى تناسب القوة مع التسارع، وهذا الأخير هو معدل تغيير

السرعة بالنسبة للزمن.

 من هذه النصوص جميعها يتبين لنا ان العرب قد وقفوا على ما يكاد يكون كل معاني القانون الثاني للحركة ، وإن

لم يتوصلوا إلى صياغته صياغة رياضية كما فعل اسحق نيوتن من بعدهم.