هيرون الإسكندري والدمى المتحركة

 اختلف المؤرخون في تحديد الفترة التي عاش فيها هيرون الاسكندري لكن معظم الآراء أجمعت على أنه اتى بعد

فيلون وأخذ الكثير منه وتذكر بعض المراجع بأن معظم كتبه قد ضاعت وما بقي منها سوى الكتب المترجمة إلى

اللاتينية أو إلى العربية. من أهم مؤلفاته مجموعة من ثلاث كتب ترجمة إلى الفرنسية تحت عنوان

Les mécaniques)  استنادا إلى النسخة العربية التي ترجمها قسطا ابن لوقا (المتوفي عام 912).

 الكتاب الأول يتعرض لمسائل رياضية ومسائل في علم السكون والحركة.  يتناول  الكتاب الثاني الآلات البسيطة

كالرافعة والسطح المائل والزاوية وغيرها. أما كتابه الثالث فقد خصصه للتطبيقات العملية ويحمل عنوان

Les pneumatiques ). في هذا الكتاب يصف هيرون مجموعة من الأوعية والحيل على غرار من سبقوه حيث

يذكر كستبيوس، أرخميدس وفيلون البيزنطي. لقد جسد هيرون حيله في بدن تمثال انسان أو حيوان وذلك بهدف

جذب القارئ اليه. نذكر منها:

 - تمثال تنين يزمجر غضبا لسرقة تفاحة

 على صندوق صغير تم تثبيت هيأة شجرة صغيرة يلتف عليها تمثال تنين. أمام التنين تمثال هرقل يحمل قوس نشاب

وفي وسط المذبح تفاحة  أذا ما تقدم شخص وأخذ التفاحة يطلق هرقل سهمه على التنين فيزمجر هذاالأخير بصوت

عالٍ.

 وصف الآلة: هي عبارة عن صندوق مؤلف من طبقتين. على سطح

الصندوق يظهر تمثال هرقل أمام شجرة يلتف حولها تنين.  في الوسط

بين هرقل والشجرة نجد  تفاحة وضعت في داخل قمع  يدخل في جوف

قمع آخر في أسفل القسم الأعلى من الصندوق . يلتف حبل على هذا

القمع ومن ثم يدخل في رقبة البكرة ليتصل باليد المتحركة لتمثال هرقل.

أنبوب فارغ يدخل في جسم التنين و يخرق سطح الصندوق ثم يعبر من

أسفل القسم الأول الى القسم الثاني .

يصل هذا الأنبوب الى حلق التنين وفيه الحبة المصوتة. يثبت بين يدي

تمثال هرقل القوس والنشاب.

 طريقة العمل:

 نملئ القسم الأعلى من الصندوق بالماء ونضع التفاحة في موضعها. عندما يأتي أحدهم ويأخذ التفاحة ساحبا معها

القمع يشد الحبل يد تمثال هرقل وفي الوقت نفسه ينصب الماء الى القسم الأسفل من الصندوق طاردا الهواء من

الأنبوب الى فم التنين حيث الحبة المصوتة. في الوقت نفسه يكون السهم قد أفلت فيسمع للتنين صوت وكأنه أصيب

بالسهم.

المسرح في كتاب هيرون

         

                     أ                                                                 ب

  

وصف هيرون أيضا في كتابه مسارح ثابتة ومتحركة حيث يعيش القارئ أحداث قصة متكاملة. في هذا الصدد يقول

هيرون متحدثا عن المسرح المتحرك: "نضع المسرح الآلي المتحرك في مكان معين ثم نبتعد عنه. بعد فترة وجيزة

من الزمن يتحرك المسرح من مكانه ليستقر في مكان آخر. عندئذ يضاء المذبح الموجود أمام تمثال باخوس وفي

الوقت نفسه يفور الحليب من عصاه وينسكب النبيذ من كأسه على النمر. فيسمع ضجيج يصحبه أصوات طبول

وصنوج ترقص على ايقاعها التماثيل المحاطة به (ألرسم أ)

 كما  تظهر انابيب المياه المتداخلة في العواميد ومجموعة من البكرات الكبيرة والصغيرة إضافة الى الثقل المرتبط

في طرف الحبل الملفوف على البكرات. في أعلى الرسم يظهر خزان الماء المتصل بالأنابيب.

 

 أما في المسرح الثابت فيلاحظ تغيير في الشخصيات وفي التصميم في كل مرة يُفتح فيها الستار. يقول هيرون في

وصف مسرحا ثابتا يمثل أحداث بعض القصص الخيالية:

 -    في المرة الأولى ينكشف الستار على مجموعة من الاغريق يصلحون سفنهم.

-     في المرة الثانية تظهرعملية انزال السفن في البحر.

 -    في المرحلة الثالثة يظهر الأسطول في عرض البحر والدلافين تتلاطم على سفنه مع الموج الهائج.

 -    في المرحلة الرابعة تظهر عملية غرق السفن.

 وهكذا تتسلسل أحداث القصة على المسرح.

 التقنيات المعتمدة من قبل العلماء اليونان في تحريك الدمى واصدار الأصوات المناسبة لها.

 كان الهدف الأساسي من صناعة الدمى المتحركة هو تطبيق النظريات العلمية بطريقة مسلية لتسهيل فهمها للعامة.

 اعتمد العلماء اليونان في تقنياتهم على قوة دفع الماء وضغط البخار والهواء إضافة إلى الرافعة والسطح المائل

والبكرات الثابتة. كما طبقوا مبادئ الأواني المستطرقة والضغط الجوي والسيفون المتمركز وغيرها من المبادئ

المكتشفة في عصرهم من قبل علمائهم الذين لهم باع طويل في هذا الحقل كأفلاطون وأريسطو وأرخميدس وغيرهم.

 أما هيرون فقد تميز عن من سبقه في استعمال تقنية جديدة، كانت نواة لظهور الموسيقى الميكانيكية.  فهي عبارة

عن بربخ ثبت عليه مجموعة من الشظايا بطريقة فنية .

 في الرسم ب استعمل البربخ لفتح وإغلاق باب المسرح الثابت خمس مرات متتالية لذلك فقد ثبت على البربخ عشر

شظايا ركبت على البربخ على خطين وفق أبعاد متساوية بحيث الشظية من الصف الواحد تتوسط شظيتين من

الصف المقابل. ثم أخذ حبل وعقد فيه عشر عقد في أبعاد متساوية تناسبأبعاد الشظايا وعلق في طرفه ثقل. بعد ذلك

أدخلت العقد في الشظايا ونصب البربخ في مركزه. بفعل الثقل المدلي يدور البربخ فتنفصل عقدة من الشظية لتحرك

مفاصل الباب فينفتح. وهكذا تعاد الكرة حتى ينفصل الحبل نهائيا عن البربخ.

 

3-  Carras De Vaux - Les mécaniques  ou l'élévateur de Héron d'Alexandrie - tome I et II 1893