فهرس المقال

الكندي (185-252 للهجرة/801-866م)

هو أبو يوسف بن يعقوب بن اسحق بن الصباح... بن الأشعث بن قيس ...وينتهي هذا النسب إلى يعرب.

 كان أبوه اسحق أميرا على الكوفة للمهدي والرشيد، وكان جده الأعلى، الأشعث بن قيس، ملكا على جميع كندة، فهو

عربي صميم، ولذلك لقب بفيلسوف العرب.

 ذكره ابن النديم قائلا: "فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها."

 وقال عنه القفطي: "اشتهر في الملة الإسلامية بالتبحر في فنون الحكمة اليونانية والفارسية والهندية. متخصص

بأحكام النجوم وأحكام سائر العلوم، فيلسوف العرب وأحد أبناء ملوكها... ولم يكن في الإسلام من اشتهر عند الناس

بمعاناة علوم الفلسفة، حتى سموه فيلسوفأً، غير يعقوب هذا. وله في أكثر العلوم تآليف مشهورة من المصنفات

الطوال ومن الرسائل القصار."

 وقد ذكر مثل ذلك إبن أبي أصيبعة وزاد عليه قوله: "...وإن له مصنفات جليلة ورسائل كثيرة جدا في جميع

العلوم".

 وأشار إليه ابن نباتة المصري بقوله: "اشتغل بعلم الأدب، ثم بعلوم الفلسفة جميعها فأتقنها. وحل مشكلات كتب

الأوائل... وصنف الكتب الكثيرة الجمة... وكانت دولة المعتصم تتجمل به وبمصنفاته وهي كثيرة جدا"

 ويقول عنه "كوردان " أحد فلاسفة عصر النهضة الأوروبية "أن الكندي يعد واحدا من اثني عشر أنفذ الناس

عقلا،وإنه كان في القرون الوسطى يعتبر واحدا من ثمانية أساطين العلوم الفلكية".

 ميلاده ووفاته:

 لم يذكر أحد من القدماء ممن تكلم عن الكندي - على ما نعلم- تاريخا محددا لميلاده او وفاته لذلك ليس بالاستطاعة

إلا تقدير ذلك تخمينا. والمرجح - كما يرى مصطفى عبد الرازق - انه ولد في حدود سنة 185 هجرية (801م)

وتوفي في حدود سنة 252 للهجرة (866م)  وبهذا يكون قد عاش زهاء 66 عاماً.

 نشأته وثقافته:

 اختلف المؤرخون في ذكر مكان نشأته ودراسته، فمنهم من قال انه تعلم في الكوفة وانتقل إلى بغداد ومنهم من ذكره

قائلاً: إن يعقوب ابن الصباح كان شريف أصل بصريا، وكان جده ولي الولايات لبني هاشم ونزل البصرة وضيعته

هناك، وانتقل إلى  بغداد وهناك تأدب".

 لا نعلم شيئا عن تحصيل الكندي العلمي ولا عن أساتذته، لكننا نستطيع ان نستنتج - مما كان له من مجد قديم ، وما

لأبيه من جاه وثراء، أنه قد أتيحت له فرصة تعلم وتثقف منظمين على نحو ما كان عليه أبناء الولاة. كما إن انتقاله

إلى بغداد وإقامته فيها أثناء ازدهار حركة العلم - منذ عصر المأمون وحتى أوائل عصر المتوكل-

حيث بلغت تلك الحركة ذروتها بفضل تشجيع هؤلاء الخلفاء للعلم ورعايتهم للعلماء، كل ذلك  ساعد على تفتح

مواهبه وتكامل نضجها. هذا وقد عظمت منزلته عند المأمون، فانتدبه فيما انتدب لنقل العلوم من السريانية واليونانية

إلى العربية، كما إن المعتصم اختاره مؤدبا لابنه(1).

 مؤلفاته:

كان الكندي غزير المادة، خصب الإنتاج في التأليف، لم يترك بابا من أبواب العلم إلا وكتب فيه، مما دعا المؤرخون

إلى تصنيف كتبه بحسب موضوعاتها.

 فحين ترجم له ابن النديم ، أخصى تصانيفه فإذا بها تبلغ زهاء مائتين وثماني وثلاثين رسالة، صنفها إلى سبعة

عشرة صنفا: فلسفية ومنطقية وحسابية وموسيقية وفلكية...الخ

 وذكر له القفطي عدداً من المؤلفات في مثل ذلك القدر تقريباً، أما ابن أبي أصيبعة فقد تجاوز كليهما.

 ومهما يكن من خلاف بين المؤرخين في تعداد كتب الكندي وفي أسمائهم فإنهم متفقون على أن للكندي مصنفات

طوالاً ورسائل قصاراً في سائر العلوم.

مؤلفات الكندي الموسيقية

 ذكر صاحب الفهرست إن للكندي سبع رسائل في الموسيقى وهي :

 1 - رسالته الكبرى في التأليف

 2 - رسالته في ترتيب النغم الدالة على طبائع الأشخاص العالية وتشابه التأليف

 3 - رسالته في الإيقاع

 4 - رسالته في المدخل إلى صناعة الموسيقى

 5 - رسالته في خبر صناعة التأليف

 6 - رسالته في صناعة الشعر

 7 - رسالته في الأخبار عن صناعة الموسيقى.

 مفهوم الموسيقى عند الكندي

لعلنا نستطيع أن نجمل رأي الكندي وفلسفته في الموسيقى في العبارة الآتية التي حاءت في إحدى رسائله وهي :

" الموسيقار الباهر الفيلسوف يعرف ما يشاكل كل من يلتمس إطرابه في صنوف الإيقاع والنغم والشعر، مثل حاجة الطبيب الفيلسوف

إلى أن يعرف أحوال من يلتمس علاجه أو حفظ صحته".

 فالموسيقى في نظر الكندي "معرفة" لا بد من اكتسابها بالدرس والتحصيل، وكما يتحتم على الطبيب أن يأخذ بعين

الإعتبار أموراً كثيرة قبل أن يهئ العلاج، كذلك يتحتم على الموسيقار أن يفعل قبل أن يصنع الألحان.

 لهذا يتناول الكندي موضوع الموسيقى من مختلف النواحي، النغمات وما يتفق منها وما يتنافر عند التأليف،

الإيقاعات وعدد نقراتها وما يوافق كل منها من الألحان ، أثر الموسيقى في النفس وما تبعثه الحانها فيها من سرور

وحزن وشجاعة ، أثر الألحان المختلفة في الصحة والمزاج، المناسبة بين الأوتار والنغمات والأجرام السماوية

وغير ذلك ، فيضع لكل هذه الأمور الدساتير التي ينبغي أن يسير بموجبها الموسيقار الباهر، مؤيداً أقواله بالبراهين

الرياضية ، والأذلة  المنطقية.

وهكذا يعتبر  الكندي أول من أدخل الموسيقى إلى الثقافة العربية ، فأصبحت من ضمن مناهج الدراسة العلمية،

وجزءأً من الفلسفة الرياضية . كل هذا بطبيعة الحال نتيجة التأثر بالمدرسة الإغريقية، بما نقله العرب من العلوم

اليونانية إلى العربية في مختلف النواحي ومنها الموسيقى. وهكذا أصبخت كلمة "الموسيقى" باللغة العربية تعني علم

الموسيقى(musicologie) بينما كلمة "الغناء"تطلق على الفن العملي فقط بعد أن كانت قديما تعني أداء الألحان

والموسيقى بصورة عامة.