فهرس المقال

العلماء العرب و قوانين الحركة

 لقد بحثت مجموعة من الفلاسفة والعلماء العرب موضوع قوانين الحركة وتوصلوا قبل نيوتن إلى نتائج مهمة سوف

نعرضها في هذا البحث. من المعروف من ابحاث نيوتن بأن علم الحركة يقوم على قوانين ثلاثة نسبة اليه وهي :

 القانون الأول للحركة:

 "إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تجبره قوى خارجية على تغيير هذه

الحالة ".

 يتعلق هذا القانون بخاصية –القصور الذاتي أو العطالة (Inertie ) وهي الخاصية التي تعبر عن رغبة الجسم في

الاحتفاظ بحالة سكونه أو حالة حركته الخطية المنتظمة، واعتمد هذا القانون بعد المشاهدة العملية لسلوك الأجسام.

 كيف شرح العلماء العرب هذا القانون؟

- بالنسبة لحالة السكون :

 يقول اخوان الصفا : "... الأجسام الكليات كل واحد له موضع مخصوص ويكون واقفا فيه لا يخرج إلا بقسر

قاسر."

 يقول ابن سينا : " إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه، ولم يعرض له من خارج تأثير غريب، لم يكن له بد من

موضع معين وشكل معين فإذن طباعه مبدأ استيجاب ذلك ."

  - بالنسبة لحالة الحركة:

 يقول ابن سينا : " إن كل جسم ليس فيه مبدأ ميل ما ، فإن نقله عما هو عليه من أين أو وضع يقع لا في زمان ،

وذلك محال، بل يجب أن يكون كل جسم يقبل تحريكا وإمالة طارئة، ففيه مبدأ ميل طبيعي في نفس ما يقبله كان أيناً

 او وضعاً.ولنبين الكلام أولاً في التحريك المكاني، أي حركة النقلة فنقول:

 "ومما يبين ذلك أن المقسور على الحركة المستقيمة أو المستديرة يختل عليه تأثير الأقوى والأضعف. ,إذا اختلف

ذلك فظاهر ان القوي مطاوع وأن الضعيف معاوق. وليست المعاوقة للجسم مما هو جسم ، بل بمعنى فيه يطلب

البقاء على حاله من المكان أو الوضع. وهذا هو المبدأ الذي نحن في بيانه".

 ويدلل ابن سينا على تواجد الممانعة والمعاوفة في الجسم فيقول:

 " إذا كان شئ ما يحرك جسما ولا ممانعة في ذلك الجسم ، كان قبول الأكبر للتحريك مثل قبول الأصغر، لا يكون

أحدهما أعصى والآخر أطوع، حيث لا معاوقة أصلاً."

 ويقول أيضاً : " القوة الطبيعية في لجسم ما إذا حركت جسما- ولم يكن في جسمها معاوقة أصلا فلا يجوز أن

يعرض بسبب الجسم تفاوت في القبول بل عسى أن يعرض ذلك بسبب القوة."

 تدل أقوال ابن سينا على ان الجسم في حال تحركه يكون له ميل للاستمرار في حركتين بحيث إذا اقحم على الحركة

مانع أو عائق، أحس بالمدافعة التي يبديها الجسم للابقاء على حاله من الحركة ، وفي هذا النص إشارة واضحة

وتصريح محدد للمعنى الحديث الذي نعرفه اليوم بالقصور الذاتي أو العطالة (Inertie).

 ومن العلماء العرب اللذين تعاطوا بموضوع قوانين الحركة الامام فخر الدين الرازي الذي شرح كتاب ابن سينا

"الإشارات والتنبيهات" وعلق على أقواله في هذا المضمار حيث قال : " كما أنكم تقولون : طبيعة كل عنصر

تقتضي الحركة بشرط الخروج من الحيز الطبيعي والسكون بشرط الحصول في الحيز الطبيعي."

 ويقول هبة الله ابن ملكا في الجزء الثاني من كتابه "المعتبر في الحكمة " : " ولما كان الجسم البسيط هو الذي له

طبيعة واحدة ، فللجسم البسيط بطبيعته الواحدة مكاناً واحداً ، يتحرك إليه بالطبع إذا فارقه، ويسكن بالطبع إذا كان

فيه." ويعزو الإمام فخر الدين الرازي التغير الطارئ على سرعة الجسم إلى المعوقات التي يتعرض إليها فيقول في

كتابه " المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات :

 "...وقد بينا أن تجدد مراتب السرعة والبطء بحسب تجدد مراتب المعاوقات الخارجية والداخلية..."

 يفهم من هذه العبارة بأنه لولا المعاوقات لاختفظ الجسم بسرعة ثابتة ، إذ إن تغيير السرعة مرهون بتغيير هذه

المعاوقات الداخلية والخارجية.

 بعد تلك الشروحات لا بد لنا من الاعتراف بأن للعرب بيع كبير في تحديد مفاهيم القانون الأول للحركة.